المرّة هاذي لاني بش نحكي لا على سياسة لا على ثقافة لا ضبّوط العود (قلت ضبّوط على خاطر فمّا برشة ناس يتحسّسو من كلمة زبّ و عصبة و نمّ و ما تبعه م الكلام المنيّك السّوقي المبتذل ، هذاكة علاش استعملت ها المراوغة اللّغويّة الشيّقة اللّتي إن دلّت على شيء فهي تدلّ على وسع بال اللّي مازال يقرا ما بين القوسين. كل وين فما مراوغة تو نحط غمزة و اللي هذا يفهم وحدو). المرّة هاذي بش نحكي على فازة صغيرة صارت قعدت شايخ عليها. يمكن تكون حكاية م الحكايات اللّي نلقا روحي شايخ عليهم وحدي، أمّا نصبة (غمز) ليها ، البلوق بلوقي نكتب فيه اللي نحب.
الحاصل ، نهار الجمعة اللّي فاتت ، هبطت أنا و جماعة أصحابي لدوز ، أهاوكا نشوفو المهرجان، و فمّا ورشة متع مدوّنين (غمزة) حضرنالها ، و الواحد يدور و يتعرّف أكثر ع البلاد و النّاس. بالطّبيعة ، وقت مهرجان، و النّاس الكلّ حاطّة « مود » سياحة آكتيف ، مش كلّ شي عفوي و كيما ساير الأيّام ، أمّا ما يمنعش اللّي الجوّ ينعوش و ينسّيك في برد العاصمة و السّيمان . الجنوب معروف ، فمّا نوع من المحافظة الدّينيّة الخاصّة ، وين تدور فمّا جامع و لحي و كذا ، و وين تتلفّت تجيك تربريبة ع الطّاير كيف كيف. بلد القيشم و الطّرق الصّوفيّة. أمّا كلّو بالقدر ، و زيد فمّا مفهوم خاصّ متع النّخوة ، و الأصالة البدويّة العربيّة بحيث أنّو الخطاب العروبي مثلا تلقاه متغلغل عند النّاس الكل كمعطى و هاك الأفاريّات متع « عزّة العرب ». بالعمل فمّا حيط فيه « تاق » مكتوب : « الجرذان أرجل منك يا قذافي النّذل ، سينتقم منك الثّوّار، اللهم انصر الثّوّار اللّيبيّين » تحتو مكتوب : « رحمك الله يا قذافي يا أسد العرب ، لعنة الله عليكم يا جرذان النّاتو. نعتذر ع المكتوب الفوق ما فيباليش » . تي الحاصل ، اللّي يعرف مليح الجنوب عندو فكرة على التّمظهر الخاصّ (نحسّ روحي متثقّف كل وين نقولها ها الكلمة … أسمع محلاها : تمظهر ..) الغادي للتّديّن و للعيشة.
في دوز ، في وسط البلاد فمّا بلاصة معيّنة عجبتنا أنا و سفيان شورابي، كلّ صباح نعملو قهوة و شيشة لغادي و نقراو ما تيسّر من الجرايد ولاّ كتاب (ما غمزتش كي حكيت ع الشّيشة ، دونك … شويّة احترام من فضلكم) ، البلاصة هاذي قهوة تيراس في وسط سوق الصّناعات التّقليديّة. أخر نهار ، قمت بكري و سبقت للقهوة. ما فمّا كان أنا و واحد ، أش بس نحكيلكم، التّقوى تنقّز من محيّاه ، طاقيّة و قميص و بندقيّة … لا البندقيّة لا ، أما كان جا عندو بندقيّة راهي خرجت عليه. الطّفل كي يمشي للطّاولة اللي بش يبنّك فيها ، تقول يخلّص في قرض بنكي : بالشّويّة بالشّويّة ، قعد و تشوحر يمنة و يسرة (بدا باليمين الحق متع ربّي) … ركش في مكانو عيّط للقهواجي ، كمندا و مبعّد جبد كتاب و بدا يقرا … مش كتاب قرآن ، أمّا حكاية على رياض الصّالحين. القهوة فيها زوز بافلوات كبار متاعين عرس ، هاك اللّي يطرّشو الوذنين ، و كان تعدّي فيها موزارت الصّوت يطلع تقولش عليه تركتور يمارس في الفاحشة مع بقرة (غمزة) . الجّماعة متع القهوة حطّوا كوكتيل أغاني عجيب و غريب ، هاو مرّة غناية تتغنّى ببشّار الأسد و « موطني و الكفاح يا بشّارنا يا متع التّفّاح » ، مرّة غناية « بعثنا ، مجدنا ، يا صدّام يا مقدام » ، مرّة مارسيل خليفة « إنّي اخترتك يا وطني » ، مرّة « يا حجل طلّيت م العلالي » متع العاشقين ، مرّة غناية متع جموع « طورا بورا » … شكشوكة عجيبة م الغنا الدّعوي للبعثي للّي هو ، مادام فيه ريحة المقاومة ، و السّيّد اللّي قاعد يقرا يسمع و يميّل في راسو. جرّتو مولى القهوة بدّل ، حطّ التلفزة ، اللّي تعدّي في قناة … من غير ما نقلّكم ع القناة (ماهيش بورنو) ، أمّا هاو حرفيّا أش تعدّا : « هذه الأيقونات ليست مجرّد تحفة فنّيّة فقط، بل حين نتمعّن فيها نجد أنّ الرّسّام قد استقصد أن يترك فيها معالم الإيمان … فعلى اليمين نرى الرّبّ متربّعا ، و على اليسار نرى ابنه مادّا إليه يده و الهالة القدسيّة تحيط برأسه الشّريف ، و بينهما نرى الملائكة مصوّرين في أحسن صورة … ثلاثة مكوّنات ترسم ، كما نراه في المخطّط التّبييني ، مثلّث البشارة و الخلق. و قصد الرّسّام أن لا يرسم أمّ الرّبّ و يرسم عوضا عنها الملائكة ، تدليلا على أنّ قداستها في مكانة الملائكة المسبّحة الحبيبة » … ما نحكيلكمش على أبو طاقيّة … وجهو مشا ألوان ألوان ، و انا في لحظتها ما نجّمتش ما نغزرلوش ، مسكين يتهزّ و يتحطّ ، و كل وين تتذكر كلمة « الرّبّ » يحطّ يدّو على راسو و يستغفر … شلق بيّ نغزرلو ، ياخي عطيتها تبسيمة قحشة (عيني عكشت م الغمزان، عودوا طلّعوا وحّدكم) ، ما ركّزش معايا ، زاد حلّ الكتاب و ولاّ يقرا بالقوي، أمّا المنوّعة مازالت ماشية في الطّويل و « الرّب » و « ابن الرّبّ » و « أم الرّب » تتعاود خمسين مرّة في الثّانية، تقول المقدّمة متع الحصّة متشمّتة في السّيّد. حط الكتاب « برفق » على الطّاولة، دزّ كرسيه بالقوي و مشا لداخل القهوة. وقتها قلت « هاذاكاهو ، هاو سبيكتاكل صبّاحي قبل ما يبدا المهرجان » … استنّيت استنّيت ما تقصّش صوت المنوّعة، أمّا رجع السّيّد أبو طاقية و في يدّو شيشة تفّاح … بهّمت بأتمّ معنى الكلمة … أمّا السّيّد أبو طاقيّة تلفّتلي يضحك ، و عينيه يقولو « أقعد ززوة » … نقعد نقعد و نتفكّر الفازة هاذي ، نشيخ في مخّي … ما نعرفش علاش …