فمّا شكون يقول أنّو البوليسيّة اللّي تسيّبو وسط البلاد نهار السّبت في اللّيل فروخ صغار من الدّفعات الجّديدة ، و ما يعرفوش الخدمة مليح و مازالو ما تعوّدوش ع الإجراءات … هذا يبانلي مؤشّر خطر أكثر منّو تبرير ، على خاطر إذا كان بعد الإدانة الواضحة للعنف البوليسي و ضرورة تغيير ميكانيزمات المؤسّسة البوليسيّة (على الأقلّ) اللّي تفاهمو فيها النّاس الكلّ ، الدّفعات متع اللّي دخلو للشّرطة بعد 14 جانفي ، يطلعو بالهمجيّة و الحيوانيّة هاذي ، فيا خيبة المسعى. هذا يولّي مؤشّر واضح على برشة حاجات :
– أوّلا ، فمّا غياب واضح و تام للإرادة السّياسيّة و الإداريّة اللاّزمة بش ع الأقلّ يبدا يتصلّح القطاع هذا . مادام اللّي تكوّنوا بعد 14 جانفي ، ما تكوّنوش على منطق احترام المواطن و خدمتو ، و على منطق احترام التّراتيب القانونيّة (اللّي من حقّنا كمواطنين نختلفو معاها و نعاركوها ، لكن طبيعة خدمة الشّرطي يخلّيه مجبور يحترمها) . مثلا ، في وضع عادي ، الشّرطي اللّي يشوف شرطي يعتدي على مواطن من واجبو يتصدّالو و يطبّق عليه التّراتيب و الإجراءات. اللّي ريناه نهار السّبت كان العكس تماما ، متع عصابة كيما متع أفلام الواستارن القدم اللّي تسيّبو في الهواء الطّلق.
– ثانيا ، المشكل ماهوش في الأعوان في ذات نفسهم ، بل في إيديولوجيا كاملة تسيّر عمل البوليسيّة ، تحطّهم م الدّخلة في موقع أعلى م المواطن ، و تقنعهم اللّي ها الموقع هذا هو حقّ مفروغ منه. صحيح مؤسّسة الشّرطة من مهامّها الأصيلة و الأصليّة الدّفاع عن السّلطة و استعمال مختلف درجات القمع (من فرض مراقبة حتّى للعنف الجسدي المقبولين عند المنظومة اللّيبراليّة ، حتّى للتّعذيب اللّي صار « رسميّا » مرفوض في الدّولة البورجوازيّة الحديثة) ، و كي العادة من حقّ المقاومين مقاومة هذا الوضع بالطّرق المناسبة حسب كلّ ظرفيّة. لكن المرور من الدّفاع على السّلطة إلى تشكيل سلطة مجتمعيّة قائمة الذّات هو م الأشياء اللّي هردت البلاد بين وقت بورقيبة و بن علي و حوّل تونس لدولة بوليسيّة ، و اتّفقو النّاس الكلّ – شكليّا على الأقلّ- على ضرورة تجاوز بوليسيّة الدّولة. و من الواضح اللّي هذا ، لا يزّي ما صارش ، بل و ما بدا فيه حدّ م اللّي مسك زمام السّلطة السّياسيّة ، و الأعظم بان بالكاشف أنّو مازال متواصل ، مادام الدّفعات الجّديدة متكوّنة على هاذي القناعات و مادام مازالت القوى السّياسيّة مطفّية الضّوّ. تطفية الضّوّ هاذي ، عند كافّة المراهنين على حيازة السّلطة ، جاية حسب رايي من طمع في الاستتباب على السّاحة السّياسيّة. عندك ماكينة ، اسمها الدّاخليّة ، قويّة و كاسحة قادرة تكبس البلاد ، في يدّها بنى السّلط المحلّيّة (عمد و معتمدين و ولاّة) و في يدّها سبق على السّلطة القضائيّة (الدّاخليّة هي اللّي تحكم في سير التّحقيقات و البحوثات و الأدلّة … )، أيّ سياسي سلطويّ عندو مخطّطات تنفّذ بالطّبيعة ما يساعدوش كسر ها الماكينة في شكلها الحالي.
المشكل اللّي البلاد ما تنجّمش تقدّم مادام ها الجهاز مازال يشكّل سلطة ، و بالطّبيعة يولّي يفاوض بسلطتو مع السّلطة السّياسيّة و يكرّسهالها بالكرا لتنفيذ رؤاها على حساب مهامو الأساسيّة في خدمة المواطن. يقول القايل كيفاش. ساهلة ، مثلا في مواجهة الإضرابات و الحراك الإجتماعي ، الشّرطي مطالب أنّو ينفّذ قانون و إجراءات و تراتيب عاديّة ، من غير عنف و من غير قمع. كيف يبدا عاطي روحو للسّلطة السّياسيّة ، يولّي يتصرّف حسب الأجندا متع السّلطة السّياسيّة و يولّي فمّا اعتصام « حمص » و اعتصام « زبيب » (و الأمثلة عدّة ، اعتصام تطهير الإعلام ، غضّ النّظر عن تجاوزات الفرق القريبة من الفريق الحاكم ، مقابلها التّصرّف بوحشيّة مع التّحرّكات المناوئة لسلطة الحكم ، و عدم توفير الحماية اللاّزمة …)
اللّي نحكي عليه من قبيليكة هو ما كان يجب أن يكون « لو كان جات الدّنية دنية » ، ولو الدّولة محترمة ذاتها كدولة ، حسب قوانينها ، موش رأيي الشّخصي أو الفكري في الموضوع ، اللّي في السّياق هذا يبعد لبعيد. اللّي نشوفو أنّو هيكلة الدّولة القمعيّة، رغم تبلعيط السّياسيّن ، مازالت هي نفسها ما تبدّل فيها شيّ ، فقط اتطوّرت و قاعدة تفرض في روحها على أرض الواقع. الإتّكاء على حجّة « أخطاء » و « أعمال معزولة » مالو إلاّ استهبال و استغفال ، خصوصا أنو اللي صار نهار السّبت مالو إلاّ حلقة من حلقات الممارسات البوليسيّة اليوميّة ، في باب دزيرة و في الرّفال و القلعة الكبر و دقاش و حيّ التّحرير و فريانة و مختلف مناطق البلاد. ها الممارسات منطلقة من قناعة و صلوحيّات عطاها صاحب القرار لمنفّذ القرار ، المسؤوليّة المباشرة عليها عند صاحب القرار و الشيّ اللّي يمثّلو صاحب القرار ، اللّي هو الدّولة.
البوليس زيّ و أوامر قبل كل شي ، تبدلو وجوه الأحزاب ، لكن الشكل القمعي للدولة ما تبدّلش. الدّولة هي المسؤولة على طرائق تصرّف أعوانها. الزّيّ متع البوليس على بدنو و في مخّو. تغيير هذا الزّيّ (بالمعنى المجازي) في يدّ الدّولة و القايمين عليها. أوقات المواجهة ، في الحراك الإحتجاجي (مظاهرة ، اعتصام ، تحرّك …) مهاجمة الأعوان هو مهاجمة ممثّل الدّولة و القمع و السّلطة ، كيفها كيف مهاجمة مباني من برّة و رموز ، بصفتو ممثّل للشّيّ هذاكة . خارج وقت المواجهة المباشرة ، لازم الجهد يتصبّ في صاحب الزّيّ ، اللّي فصّلو ، اللّي عطا الأوامر و اللّي مستفيد منها. في الحالة هاذي مؤسّسة الشّرطة بيدها مالي إلاّ درع للدّولة التّونسيّة ، بشكلها اللّي تواصل ، و اللّي نحاربو فيه من قبل. هذاكة علاش قرّرنا أنا و زكريّا بوقيرّة نرفعو قضيّة ع الدّولة ، من شيرتي على كافّة القمع اللّي تعرّضتلو (ضرب ، إيقاف تعسّفي، سجن مخالف للقانون ، تدليس البحث، مخالفة التّراتيب أثناء المرور أمام قاضي التّحقيق). الهدف م القضيّة هاذي هو وضع الدّولة و خطابها السّياسي و القائمين على هذا الخطاب ، أمام تناقضاتهم في وسط منظومتهم نفسها ، و محاولة لفرض ولو خطوة صغيرة للعدل. لافيها ثقة بالقضاء التّونسي لا والو. و ندعو كلّ تونسي تعرّض ل »تجاوزات » أنّو يشكي بالدّولة. و إذا القضاء التّونسي عجز ، يولّي حديث آخر.