سكّان تونس الأصليّين … تقديم

السّاعة ، قبل ما نبدا ، مانيش بش نكون من المتعلّطين. ما ننكرش فضل كاتب مصري (نختلف معاه في برشة اختيارات سياسيّة) اسمو بلال فضل. الكاتب هذا فيّقني اللّي معظم النّاس اللّي عايشين معانا ، ماهمش عايشين معانا. عندهم عالمهم ، رؤاهم ، و تفسيراتهم. أحنا ، لي تثقّفنا شويّة ولا « دزّينا » فيها تثقّفنا ، يسمّونا هوما « ناس نظاف ». حتّى كي يبدا أصلنا منهم ، من غير ما نشلقو نخرجو عليهم ، و هوما بيدهم يحدّدو خطوط انفصالنا. في الحومة يحترمونا و غيرو ، و منهم اللّي م الصّغرة يعملو من عذابنا صنعة. احنا بحذاهم ، حتّى لو كان اقتصاديّا فقرا ، نتسمّاو بورجوازيّة صغرى. على خاطر ماعادش نغزرو للدّنيا كيما يغزرولها هوما. قيمهم تولّي « بهامة » ولا « شعبويّة »، جماليّاتهم « تقوعير » ، أخلاقهم « تجوبير ». نشوفوهم في الشّارع ، رغم اللّي ندافعو عليهم في الكتيبة و في الشّوارع ، نخافو. ننّظرو على بعضنا في « ضرورة النّزول للشّارع » أما كي نهبطو ، نحبّو يجيو معانا « النّظاف ». و النّظاف ضياف في البلاد. يهتمّو بالسّياسة (حتّى ببهامة و سطحيّة) ، يهتمّو بالثّقافة (حتّى لوكان مجرّد تهويمات و إسهال لغوي و تعبيري) ، يصنعو أمور الرّياضة و آراءهم ديما بالحجج. عندهم بلايصهم ، كي الرّخيصة كي الغالية. في العاصمة و في الولايات. النّظاف يحترموهم لخرين ، أمّا مش ديما يعطيوهم وذنيهم. لخرين ساعة ساعة يحقروهم ، كيما « النّظاف » يحقرو. و لخرين يتبّعو اختلافات « النّظاف » و يقسّمو رواحهم ، من غير معرفة كبيرة ، حسب عرك « الكبارات ». و يتفاخرو و يتنابزو ، و ساعات منهم قطاعات يمارسو العنف الرّمزي و الفيزيائي ع « النّظاف ». بلال فضل ، الكاتب المصري ، يسمّيهم « السّكّان الأصليّين » ، انديجان ، عايشين في بلاد ماهيش بلادهم ، ماهمش ممّنين برواحهم على خاطر … ولا على بالهم.

« السّكّان الأصليّين » تختلف تسمياتهم حسب اختلاف الموقف الإيديولوجي و الإستحقاق السّياسي. مرّة اسمهم « الشّعب » ، مرّة « الجّماهير المجيدة الكادحة » ، و برشة مرّات « الرّعاع » ، « الرّاكاي » ، « البوزقلّيف » « القعار » ، « الجّهلوت » … تلقاهم عبايا في مظاهرات الفاشستيّين ، و تلقاهم شويّة ، أمّا قلب كاسح كي تاكل بعضها في استحقاق اجتماعي. كلّهم يقلبو الفيستة ، على خاطر كسيبتهم فيستة وحدة و يحبّو يبانو « يكسبو » ، و يورّيو اللّي عندهم أكثر من فيستة . من موقف « خشمي و كرامتي ما تطيحش » تلقاه ينقّز لبوس يدين البوليس بش ما يهزّلوش النّصبة ولا ما يخطّيهش بعشرة لاف. عكسنا ، البخل و الكسل ما عندوش بلاصة في مخّو ، ديما يخدم و يكمبص ، و 90 في الميا م الأوقات يكعبرها ل »ساكن أصلي » كيفو.

شخصيّا ، نهار م النّهارات ، كي كنت مراهق ، عايش في « حومة الأرواح » في المروج 5 ، كنت « ساكن أصلي » … رغم عفسات التّثوقيف اللّي نعملها ، و رغم اللّي كنت « جنجول » في القراية ،  كنت منهم قلبا و قالبا. هدفي في الدّنيا نطلع كيف علي شورّب، نحرق ، نورّق ، نعمل آفار ، نحلّ وجه واحد من « حيّ البشرى » ، عدوّة حومتنا. السّيّدة و قرّيش كانت أسامي تخلّي قلبي يرفرف ، و نشوف فيها « عدن » … نكذب وسط اللّي يكذبو من اولاد الحومة بش نردّ روحي عشت الغادي و نألّف حكايات كيما غيري يألّفو. فجأة ، ما نعرفش كيفاش ، خرجت منها ، « جنّة السّكّان الأصليّين » .. أوّل ما عبّرت على فكر سياسي و غيرو ، « السّكّان الأصليّين » خرّجوني من وسطهم ، موش اقصاء ولا تطريد ، أمّا ترقية. من وقتها غابت عليّ قيمهم … و رجعت ضربتني من أوّل و جديد.

مانيش بش نكذب على روحي ، رغم مرامدي و هات من هاك اللاّوي، أمّا انا بيدي انقطعت ، ماعادش قادر نرجع لمنظومتهم القيميّة.

فهمان « النّاس الأصليّين » و طرائقهم و رؤاهم و أفكارهم ، حسب رايي ، عامل محدّد. ينجّمو « نخب النّقب » يحكيو على بهامتهم للصّباح ، و على جهلهم و كذا. لكن هاذوما امّالي البلاد (ع القليلة عدديّا) ، فهمانهم واجب. و محبّتهم هي محبّة البلاد. هذاكة علاش ، بش نعود نقيّد حكاوي و وقائع « السّكّان الأصليّين » ، كيما يصيرو ، من غير زيادات ، كونشي في التّشابيه و المجاز. بالكشي كي نفهموهم ، نحلّولهم الباب بش يفهمونا.