و أخيرا، بعد أشهرة م المراوغة و التكبرية ع اليمين و ع اليسار، بعد مغامرات محسن المفتاح مع حافظ ابن أبيه، رجع « قانون المصالحة » مطروح على الطاولة، و بزربة، فماش ما يخلطو يزرفوه من غادي لغادي. المرة هاذي، زوز نسخ متوفرين، باش اللي يحب يكنتر النسخة القديمة، يجاوبوه بنسخة جديدة فيها أكثر انفتاحات. واحد م الناس، نرا اللي القانون هذا ما لازموش يتعدى، سواء النسخة القديمة ولا النسخة الجديدة، لكن لأسباب يظهرلي مختلفة على أسباب العديد من الأصدقاء.
المشكل الأولاني اللي طارحو قانون المصالحة أخلاقي، بمعنى أنو ما يجيش مجرم يتسامح و يرجع أمورو لاباس، زيد واجب الذاكرة تجاه الضحايا. الحق، واحد م الناس، موش هاذي مشكلتي مع القانون. نعرف اللي ننجم نصدم العديد، لكن كي نخمم ما عنديش مشكلة أنو إنسان عمل جريمة يتسامح. و بالتحديد أكثر، ما يسمى « عودة الدساترة » ما عنديش معاه مشكل أخلاقي، على خاطر الدساترة عمرهم ما اختفاو م الساحة السياسية باش نحكيو على رجوعهم، من جيهة، و من جيهة أخرى نعتبر أنو العدالة الإنتقالية اللي تفاهمو عليها الجميع بطبيعتها قايمة على إعادة رسكلة الوجوه القديمة في الشأن العام. عندي مشكل مع « العدالة الإنتقالية » كمفهوم و فكرة، بحكم أنو العدالة ما فيهاش « انتقالي » و « نهائي »، فيها « جور » و « عدل » آكاهو، و بحكم أنو « العدالة الإنتقالية » كحل سياسي عمرو لا كان من مطالب التوانسة ولا الحراك الاجتماعي اللي صار (و مازال)، بل كان مفهوم سياسي تم إسقاطو من الخارج على الواقع التونسي بمشاركة الجميع.
مشكلتي مع القانون جوهرية في شيرة أخرى. ها « العدالة الإنتقالية » اللي ماهيش عاجبتني، تم سنها في الدستور، و تنظيمها بقانون أصدرو جهاز « استثنائي ». بما أنو، نطلع ولا نهبط، ماخو خيار أني نعيش في إطار المدنية، معناها لازم علي نحترم ما جاء في إطار « الاتفاق الجماعي المشترك ». الكونتراتو اللي يلمنا كتوانسة الكل، حسب وجهة النظر المدنية، هو هاك الدستور، و اللي عيوبو ماهي إلا صورة لعيوبنا اللي اتفقنا عليها و مستعرفين بيها. « كيفاه نتعاملو مع اللي فسدوها قبل » هي مسألة تطرحت في الكونتراتو هذايا.
في التاريخ متاعنا عنا برشة خور و أمراض قعدولنا كي الفيروسات و الدمامل، و اللي الثورات و الحراكات و الإنتفاضات ما عندهمش معنى إذا كان ما يصلحوش ها الخور و يبدلوه. من عام 1861، م اللي تطرحت فكرة أنو « نحكمو بعضنا بكونتراتو فيه حاجات واضحة، لا حد رب على حد » و تعمل دستور، تعاودت تجاوزات الدستور. الصادق باي كي ما ساعدوش الكونتراتو ع الدخلة دار في الحياصة، الاستعمار يساعدو بلاد بلاش دستور خلاها هكاكة، و بورڨيبة بعد ما ضرب ع الدستور، استعملو محرمة و خلاه لبن علي اللي ردو شوليقة متع ميحاض. كيف صار ما صار من آخر 2010 لتوة، كان هذاكة هو الإشكال الحقيقي، إشكال التكريز، اللي ننجمو نلخصوه في كلمة : يزي ما تقوحبتو علينا.
واحد م الناس، ما عنديش أمل لوقتي ولا جيلي، أما عندي ثيقة في الاجيال اللي قاعدة تطلع، في الشبيبة و المفرخ اللي مولودين في المستقبل من توة. نعتبر أنو أي معركة تتحل، تتحدد أهدافها في الجيل القادم. اللي يبني، يبني على قواعد صحيحة : يحفر، يصب الصبة، يهز السيسان، يصب السقف و مبعد يبني الحيوط. بلاد مدنية كيف كيف، عندها قواعدها في البني : دستور، أداة تنفيدية تسمح بترجمة الدستور و تحويله لقوة نافذة (محكمة دستورية)، مبعد ها النقاط الأساسية المحطوطة في الكونتراتو، تو نشوفوهم. موش تبداو تتقوحبو علينا، كما لو أنو شي ما صار.
النسخة الثانية من مشروع قانون المصالح، فيها نقطة شدت انتباهي، اللي هي الفصل الخامس. في الفصل الخامس، و بعد ما سي بن تيشة حضر حواشي الطحين بتشريك هيئات دستورية أخرى (استعمال هيئات تحتكم للدستور لنكاح الدستور، في غياب أي مؤسسة) باش حد ما يقوللهم « هاكم تحبو تهزو وحدكم »، يجي يقلك أنو أي واحد باش يشد بلاصة في اللجنة، لازم يحلف اللي هو باش يحترم الدستور. عبارة واحد فصالة يغتصب في فرخ موحلهولو ، و يقلو : « والله لاني نبعبص فيك ». قمة في الوقاحة تجاه بلاد لازم تتبنى.
الحجاج السائد، و اللي باش يقعد يتعاود، قايم على وضع الأزمة الإقتصادية اللي عايشة فيه البلاد. و اللي القانون ما يقدملو حتى حل، بل ينجم يزيد يفسدها بالتأثير على مؤشرات الفساد و الدفع للإستثمار. آشكون باش يتشجع على بلاد طامعة ترجع 9000 موظف متورط ؟؟؟ القانون مافيهش حتى إجراء ينجم يدز عجلة الإنتاج ولا يكسر التحجر البيرقراطي اللي محبسنا. زيد ما ظنيش كان رجوع 9000 موظف باش يثري خزائن الدولة. القانون جوست دليل آخر أنو العباد اللي قاعدة تمارس في الحكم ما عندها حتى أدنى فكرة أحنا وين، ولا شبينا، ولا شلازمنا نعملو. عندهم كعبتين و كعبة اصحاب يفسرولهم اللي يحبو كيما يحبو، و هوما كي كلاب مجردة.
كان فما حاجة لازمها تتعدى، راهو أي إجراء للإسراع في تنصيب المحكمة الدستورية. تشريك المحكمة الإدارية و هيئة مكافحة الفساد و غيرها في « اللجنة » ما ينفيش عدم شرعية ما تم اقتراحه. كيف قلنا بلاد مدنية، ماناش نتقوحبو. يزي ما حثولنا و برولنا.
الحاصل، الروندة الثانية عدها باش تبدى. و اللي عندو فكرة ينده يطبقها. يكفي أني الناس تقرا نص القانون باش تفهم الحشوة.