الترجمة خيانة، هاذي الكلمة اللي ديما تتعاود انطلاقا من مثل إيطالي يلعب ع القرب بين الكلمتين بالطليانية. كلمة يبداو بيها المترجمين عادة، إما كنوع م الإعتذار الغير مباشر عن نقص ممكن في العمل، و إلا كدليل أولي ع التواضع (و ماكم تعرفو، التواضع حاجة باهية و كذا، و ساعة ساعة يولي فخرة 🙂 ). واحد م الناس ما نامنش بيها الكلمة هاذي. و نرا في الترجمة العكس : نوع من أنواع الولاء لكاتب النص الأصلي. ولاء في المقصد و في اللحظة الإنسانية اللي كتب فيها نصو. و نوافق الشاعر الأمريكي عزرا پاوند (اللي مغروم بيه ياسر، و نعتبرو احد القدوات رغم اختياراتو السياسية المعفطة أحيانا) كيف دعا للترجمة الخلاقة، اللي تنجم توصل تبعد ع الكلمات الأصلية و حتى التراكيب النحوية الأصلية، جوست باش تعاود تخلي الكاتب ينطق نصو بلوغة أخرى.
بالطبيعة في الحالة هاذي فما خدمة و قياس، و فما تخيير شخصي. واحد م الناس، النصوص اللي نترجم فيها و مازلت باش نترجمها هي في الأساس نصوص عندي بيها علاقة : يا إما نحبها هكاكة جماليا، و إلا نعتبر اللي فيها فايدة هامة كان يوصل يقراها و يفهمها حتى تونسي واحد برك. و الكاتب اللي نحكي عليه هو في الأساس قراءتي الشخصية و رؤيتي ليه. أما باش ما ندخلش روحي ياسر نتفادى تفسير مقصد الكاتب الأصلي كيف قال هكة، ولا حط هكة. ياسر ع الجحيش يولي، و القارئ ما يقعدلوش حاجة واضحة يصفي بيها رأيي من رأي السيد اللي مترجملو.
في العادة، واحد م الناس، نشوف أنو اللي يكتب حكاية يخليها تفسر روحها بروحها في مخ اللي يقرا، من غير ما يقعد يزيد يشرح و يفصل مبعد، على خاطر هكاكة ينجم يوصل يبعد على الافكار الأصلية فقط للدفاع عن نقطة ما. أما بما أنو الترجمة، و إن كانت « إبداعية »، ماهيش عمل فني قائم الذات ولا عمل كتابي متكامل (المترجم ما يتقارنش بكاتب النص الأصلي مثلا)، نسمح لروحي المرة هاذي باجتراح ها القاعدة.
نص ڨرامشي من النصوص العاطفية الأساسية لدى اليساريين. ڨرامشي كان عندو دور كبير في مصالحة « الشياح » الماركسي اللينيني مع الفنون و الثقافة، و تعريفو للمثقف العضوي سمح لعديد الفنانين و الشعراء أنهم يلقاو دور و بلاصة في « مشروع الثورة الإنسانية القادمة ». هذاكة علاش كي بديت نترجم فيه، حاسب حسابي اللي باش يكون فما ملحوظات، و قعدت نستنا في ملحوظة بعينها، تكرم بيها مشكور سي جنيدي عبد الجواد كتعليق لهنا (سي الجنيدي، بعيدا عن التقديرات الآنية، م اليساريين التاريخيين في تونس، و المنتمين لها العايلة الفكرية في تونس ما ينجمو يكونو كان تعاملو معاه من قريب أو من بعيد، كيف جماعة الحزب الشيوعي التونسي سابقا و آفاق الكل). الملحوظة بعلاقة بأكثر كلمة تعبتني في الترجمة، و اللي هي الكلمة المحورية متع ڨرامشي في نصو : partisan
أحد الترجمات المستسهلة لها الكلمة، هي ترجمة متحزب، و هي الترجمة الأحب لقلب اي واحد يرا في اليسارية ولا الالتزام و لا المبالاة حركة ما تنجم تكون ذات معنى إلا في إطار حزبي. لذلك يكون مفهوم أنو أي « يساري تقليدي » تعود على فكرة « حزب الثورة و حزب التقدم » يرا في غياب ها الكلمة عن الترجمة مشكلة، و حتى « تحريف » كيما نراو في التعليق المذكور أعلاه.
الفازة اللي الكلمة المذكورة ما تمش استعمالها في أوائل القرن العشرين، و حتى لنصفو، فقط للحديث عن المتحزبين. فما برشة بلدان توجد فيها فكر يساري (اشتراكي أو شيوعي أو جمهوري راديكالي أو ليبرالي في أمريكيا اللاتينية، التسميات هاذم وقتها و في البلدان الموزعين عليهم ما كانش عندهم نفس المعنى الحالي، خصوصا الجمهوريين الراديكاليين في فرنسا و إيطاليا حتى أواخر القرن 19 و اسبانيا و الليبراليين في أمريكيا اللاتينية) دون إمكانية أنو يكونو فما أحزاب، لكن كانت فما نوادي و جمعيات و وداديات و تعاونيات و نقابات و تشكيلات مواطنية و ائتلافات مثقفين (كيف مثلا الائتلاف اللي دعالو براشت لمناهضة الفاشية) و كانوا المنضوين في ها المجموعات يتسماو كيف كيف « پارتيزان ». و هاذوما مقصودين كمرجع تاريخي إنساني مباشر و غير مباشر في نص ڨرامشي.
زيد الكلمة هاذيكة، رغم اللي تبان عادية، إلا أني كانت محل دراسة و تمحص من قبل عديد الفلاسفة السياسيين و فلاسفة القانون. واحد كيما كارل شميت مثلا كتب كتاب كامل في الستينات على « نظرية الپارتيزان » بعد اللي اعتبر أنو « الپارتيزان » هو المكون اللي ما حسبلوش حساب في كتبو السابقة، و اللي لتوة تعتبر مراجع (فقه للسياسة و نظرية للسياسة)، و انطلق من المقاومين للنازية اللي سماو رواحهم « پارتيزان » من غير ما يكونو بشرطه منضوين تحت حزب، و إن كان العديد منهم ماركسيين، إلا أنو تفرقهم بين العديد من المذاهب منعهم م الدخول في تشكيلة وحدة.
هذا من شيرة خلاني ع الدخلة استبعدت كلمة « متحزب ». قعدت كلمة « منتمي » اللي تم استعمالها في عديد الترجمات للعربية الفصحى. الفازة اللي قراءة للنص، حتى سطحية، تخلي القارئ يشلق اللي ڨرامشي ماهوش طارح إشكالية « تنتمي لجماعتي » ولا « لا تنتمي لجماعتي »، أما طارح إشكالية « آكتيف ماخو موقف » في مقابل « پاسيف لايث كي السفنارية ما على بالو بشي و ينڨرز طول النهار ». زيد الإنتماء يعدي لصورة متع انصهار فرد في مجموعة، بينما ڨرامشي يأكد ع الإرادة و الفعل و البطولة و التضحية اللي ما ينجمو يكونو كان افعال و آتيتود فردية.
تقعد كلمة « عندو موقف » و اللي لقيت معاها إشكال نحوي : « عندو موقف » تركيبيا تخلي فما فصل بين الشخص و الموقف، كما لو أنو شيء خارجي موضوعي تكسبو ولا ما تكسبوش، بينما ڨرامشي يحكي على حالة، و على حالة فاعلة تكون فيها كلمة في صيغة « الفاعل » هي الأقرب تركيبيا. تقعد كلمة « ملتزم » اللي للأسف كثر استهلاكها، و زيد مستعملة كمصطلح ترجمة لكلمة أخرى (engagé). « نصير »، حسب رايي، كانت أهون التراجم المتوفرة بين الدارجة و العربية (مادام شي ما يمنع الدارجة كلهجة تجترح م العربية الفصحى كلمات كأحد اللغات الأصل للهجة)، من شيرة فيها تشديد في صيغة الفاعل، و من شيرة توضح اللي فما موقف و فعل لازمين.
ڨرامشي ما كتبش النص باش يدعو الناس تدخل أفواجا أفواجا في الحزب الشيوعي الإيطالي، كتبو كشلبوق في وجه اللي راڨدين يستناو في قضا رب يهبطلهم، و إذا كان ما هبطش يدورو ع الكعبتين و كعبة اللي حارقين رواحهم من اجل العيش المشترك الكريم، و هو مقصد واضح وضوح الشمس في النص الأصلي، و هو زادة اللي يخلي النص هذا لليوم عندو وهج، و كي يقراه عبد حارق روحو يحس بيه و يحس التكريز اللي فيه بالحرف بالحرف.
الحاصل، في الأخير، تقعد بنة ڨرامشي، أني أفكارو تمشي في الشارع على ساقيها.
غدوة ترجمة أخرى 🙂