ذيب الحمادة لهرمان هيسه ، الجزء الثالث

توة زايد نزيد نحكي أكثر ع النزعة « الغريبة » متع هالر، و نعطي بالتفصيل كيفاه خمنت و عقلت أسباب و معاني ها الغرابة و ها العزلة المرعبة و الخارقة للعادة. هو كي تجي تشوف أحسن، على خاطر ماذا بي نخلي شخصي المتواضع في الآريار پلان. ما نحبش نقدم اعتراف، ولا نكتب قصة قصيرة، و لا نعمل ضربة پسيكولوجيا. ما نحب كان نساهم، كشاهد عيان، في ذكر الانسان الفريد من نوعو، اللي خلا المخطوط هذا.
ع النظرة الأولى، كيف دخل م البوابة اللي بالڢيتر لعند خالتي، و هز راسو كيما يعملو العصافر و شكر الريحة البنينة اللي مالية الدار، حسيت بالشي المڨربع اللي فيه، و ردة فعلي لولانية و الساذجة كانت اني نشد ڨارد. شميت عند الراجل هذا (و خالتي، اللي، بعكسي انا، ابعد ما يكون عن الثقافة، شمّتّو زادة) مرض متع نفس، متع روح، متع طبيعة. و اعترضت عليها بكل حدسي بأني في صحة جيدة. ها المقاومة، بالوقت، تصهرت لتعاطف وجداني. شفقة كبيرة جاتني للسيد اللي كان يعاني ، على طوال، في حميمية، و اللي كنت نلاحظ في اضطراباتو الداخلية. على طول المدة هاذيكة، تفطنت بالشوية بالشوية و أكثر فأكثر اللي مرضو ماهوش جاي من أخوار في طبيعتو و نقص، بالعكس جاي فقط من فيضان المواهب و القوة اللي عندو. أما ما عرفش يعدلهم، و ثروتو ما خلطتش لتناغم. سلّمت اللي هالر كان عبقري متع معاناة، اللي كان عندو في روحو، بالمعنى متع نيتشة، قابلية للمعاناة لا متناهية، مرعبة، رايعة؛ على هذا كيف كيف تشاءمو ما كانش مبني على ازدراؤو للعالم، أما على ازدراؤو لروحو. باللي تنبيراتو على ها الاشخاص ولا ها المؤسسات كانت بلا رحمة و قاتلة، عمرو بالعمر ما استثنى روحو منهم. كان ديما أول واحد يطيح بضرباتو هو، يتكره و يتلام.
[جزء مقتطع م النسخة الرقمية] برشة، كيما نوڢاليس، أما فما زادة ليسينغ، جاكوبي، ليشتنبارغ. شوية مجلدات متع دوستويڢسكي معبين بالملحوظات. ع الطاولة الكبيرة، بين الكتب، ساعات اكليل نوار ؛ على جنب صندوق ألوان ديما مغطي بالغبابر ؛ بحذاها، صندريات، و زادة، باش الواحد ما يعديش الحكاية هاذي بالساكتة، دبابز معبين شراب. دبوزة في قفة سعف فيها شراب أحمر طلياني كان يشري فيه من حانوت بحذانا، ولا يمكن بورڨونيي ولا مالاڨا. ريت زادة دبوزة كبيرة متع ليكور « حب الملوك » اللي تلقاه ڨرڨعها پراسك الكل في شوية وقت. ملوحة في تركينة في البيت، تغطات غبابر من غير ما يرجع يكملها. ما نحبش نبرر التجوسيس متاعي. نستعرف بكل صراحة اللي، الاوقات لولانين، ها المؤشرات متع عيشة اللي، رغم اللي مشبعة بغرام عقلي، كانت داخلة بعضها و مفرتة، پروڢوكاو عندي قرف و شكوك. أنا مش برجوازي آكهو، عايش بطريقة مرتبة، أما زادة ياسر صاحي و ما نتكيفش. الدبابز في بيت هالر جاوني ع المضاغة أقل حتى من الباقي و حالة الفوضى الحيوية.

بالنسبة للشرب و الماكلة، كيما بالنسبة للنوم، الغريب كان يعيش بطريقة متفاوتة حسب طلعاتو و تقلب المزاج متاعو. نهارات، ما كانش يخرج، و ما ياخو كان فطور الصباح ؛ خالتي كي تجي تلم باقي الماكلة ما تلقا كان قشرة بانانا؛ مرات اخرين كان يمشي للريستوران، و يحوس من أفين البلايص اللي معروفة، لريستورونات الرهج متع الضواحي. صحتو ما كانتش تبان باهية؛ يكركر في ساقو، يطلع الدروج بالسيف؛ يبان تقولش عليه لاعبة عليه الدوخة؛ مرة فلتت منو كلمة اللي عندو سنين لا هضم مليح و لا رقد مليح. السبب الرئيسي، عندي انا، هو إفراطو و نقص الحساب. مبعد، وقت اللي وليت ساعة ساعة نمشي معاه لطبرنة من طبرنياتو، ريتو يبلع الڢينو متاعو بفظاظة، ڨراطيع ثقال. أما عمري ما ريتو، أنا ولا غيري، سكران بالرسمي.
عمري ماني بش ننسا أول لقاء لينا، و اللي خذا طابع شخصي. كنا نعرفو بعضنا جوست كيما أي جيران كارين في دار مجهزة. نهار مع العشية، و انا مروح م البيرو تفاجئت بسي هالر قاعد ع العتبة، بين الطاق الاول و الثاني. راكز ع الدرجة الفوقانية، ملص روحو بش يخليني نتعدا. سئلتو كانو لاباس و عرضت عليه نوصلو لبيتو.
هالر فيكساني بعينيه، و شلقت اللي انا فيقتو من نوع متع حلمة. بالشوية، تبسملي هاك التبسيمة العذبة و المحزنة اللي يا ما حصرتلي قلبي ؛ و استاذنني نقعد بحذاه. شكرتو و قتلو اللي مانيش متعود نركش في الدروج مقابل بيوت الكراي الاخرين.
« آه! أيه، عندك الحق، قال. أما استنا لحظة، لازمني ع الأقل علاش رصاتلي قعدت لهنا ».
و حينها شاورلي عتبة البرطمان متع الطاق الاول، اللي تسكن فيه مرا هجالة. بين الدروج، الشباك، و البوابة اللي بالڢيتر، كانت فما خزانة آكاجو كبيرة، و قدامها، على زوز دعامات، ردندرة و آروكاريا. النبتات كانو مزيانين، نظاف، مڨدودين بالباهي؛ انا بيدي لاحظتها بتمتع.
« ريت، واصل هالر، ها العتبة مع الاروكاريا، ريحتها ياسر بنينة. ما ننجمش نتعدا من غير ما نحبس شوية. عند مادام خالتك، تشم الريحة الباهية متع النظام و النظافة، أما ها العتبة بالآروكوريا، على ماهي منظفة بالباهي، و منفضة الغبرة بالباهي، ملمعة، ممسوحة و مطهرة، للي، بالرسمي، تشع. لازمني ديما نحبس لهنا باش نعبي بيها رواريّ. ماكش تشم فيها انت؟ ريحة اللوحة المعمولة باقلام شمعية معاها ضربات صغار من زيت التريبنتين، مع افاح الآكاجو، افاح الاوراق المغسولين، الريحة هاذي تخرج في پارفان هو ذروة المقطّر متع النظافة البورجوازية، متع الكياسة، التدقيق، القيام بالواجب، متع الوفاء في الصغير. ما نعرفش شكون يسكن لهنا؛ أما لازم يكون فما، ورا ها البوابة اللي بالڢيتر، جنة متع تبرجيز منفض م الغبابر، متع نظام، متع تعلق مفجوع و يمس عادات صغار و واجبات صغار. »
بما اني قعدت ساكت، واصل
« يمشيش في بالك، يرحم والديك، اللي قاعد نتمقصص ! سيدي خويا، ابعد حاجة علي نية التمسخير ع التبرجيز و النظام. صحيح، نعيش في عالم مختلف، موش العالم هذا، و يمكن زادة ما نكونش قادر نعدي يبداش نهار في برطمان فيه كيف هالآروكاريا. أما، رغم اللي ماني إلا ذيب حمادة عزوز و ڨديم، نقعد كومام ولد أم، و أمي كانت برجوازية تتولها بالنبتات، تعس ع البيوت، الدروج، ع الموبيليا، ع الريدوات و تعمل مجهود بش تحط في حياتها و في مسكنها على قد ما يمكن ترتيب و وضوح و نقاء. هذا فاش تفكرني روايح التيتيبنتين و الآروكاريا. هذا علاش، ساعة ساعة، نركش هوني و نتأمل حديقة النظام الصغرونة الهادية، و نشيخ اللي الشي هذا مازال موجود ».
حب يقوم، أما صعبت عليه. ما روفزنيش وقت اللي جيت نعاون فيه. سكتت. أما كنت، كيف خالتي، تحت الشارم اللي يطلعو ساعة ساعة ها الراجل اللي ما يتقراش. طلعنا الدروج بالشوية. قدام بابو، المفتاح بين يديه، غزرلي مرة أخرى طول و قاللي بياسر لطف : « مازلت كي جيت م البيرو؟ الله غالب، ما نفهم شي أنا في الافاريات، نعيش ع الاكثر جابد روحي، على هامش كل شي، ماو في بالك. أما يظهرلي عندك، انت زادة، اهتمام بالكتب و الحكايات هاذي؛ خالتك قاتلي مرة اللي انت قريت في الليسي و اللي كنت قوي في اليونانية. امالا آسيدي، الصباح لقيت جملة عند نوڢاليس، تحبش نوريهالك؟ تو تشيخك انت زادة ».
هزني لبيتو، مبلعة بالدخان، جبد مجلد من لكموتة كتب، ورّق، فلفس :
« هاذي زادة باهية، باهية ياسر. اسمع ها الجملة (لازم نفتخرو أنا نعانيو : كل معاناة هو تذكير برتبتنا العالية) مش دونية! 80 سنة قبل نيتشة! أما ستناني، مش هاذي الجملة اللي حكيتلك عليها … ستناني … شديتها! آهيا (معظم الناس ما يحبوش يعومو قبل ما يعرفو كيفاه). مش روحي هذا؟ بحكم الطبيعة، ما يحبوش يعومو! هوما تولدو للأرض مش للما! و ، بحكم الطبيعة، ما يحبوش يفكرو : هوما مجعولين بش يعيشو مش بش يفكرو! أيه نعم، و اللي يفكر، اللي عامل منو همو الأساسي ينجم، بالطبيعة، يسرح بعيد في الدومان هذا، أما يتسمى بدل الأرض بالما، و نهار باش يغرق. »